الثلاثاء، 2 يوليو 2013

حضارتنا




إلى أولئك المفتونين بالحضارة الغربية وبالمستر والمسيو والذين يظنون أن بناء حضارتنا لن ينفك عن حضارتهم وأنه ينبغي علينا أن نمشي وراءهم حذو القذة بالقذة، إلى وأولئك أقول أن حضارات متنوعة قامت واندثرت قبل تلك الحضارة بقرون كثيرة وقبل حتى أن تقوم أصول هذه الحضارة، وأن حضارتنا الإسلامية لم تندثر بعد وحاشاها، وإنما هي في سبات ستفيق منه بسواعد وعقول أبنائها بإذن الله فدورات الحضارة مشهودة معروفة، وقد أثبت لنا التاريخ أن دوام الحال من المحال وأثبت لنا العقل أنه لا يمكن لشخص يعيش حضارة بعينها أن يحكم فيها حكما صحيحا باتا ولا أن يزعم كم ستبقى ولا أن يعرف المدى الذي ستصل إليه من نجاح أو فشل.

 فكان الأولى بنا نحن أبناء الحضارة الإسلامية أن نشتغل بإحياء حضارتنا ونحن على يقين بأن مقوماتها لا تزال حية وقادرة على الانطلاق إذا أصبحنا في أنفسنا أهلا للصدارة، وما أوهى عزيمة البعض ممن فتنوا بالحضارة الغربية والتي هي وليدة الحضارات القديمة من يونانية وغيرها وكأن أبناء الغرب أقدر من أبناء الشرق على استدعاء مقومات الحضارة التي دفنتها القرون الغابرة وإنشاء حضارة جديدة قوية مسيطرة، وعجز هؤلاء المفتونين حتى عن تصور إمكانية قيامهم بهذا، وما ذاك إلا نتيجة للاستعمار الفكري الذي غرس في أهل الشرق أنهم أقل شأنا من أهل الغرب وجعلت من الرجل الأوروبي المثقف العالم المتمدن الذي يقود الرجل الشرقي إلى النور بينما هو في الحقيقة يلقيه على مشارف حضارته يستضيء بنورها متسولا ما يلقيه إليه الأوروبي.

 وشتان بين من يريدك وراءه تستضيء بما يخلّفُهُ لك لتظل تحت رحمته وإمرته، وبين من يعطيك مشعلا أو يعلمك كيف تصنعه، وتلك هي حضارتنا العربية الإسلامية الراقدة تحت غطاء من جهلنا وانهزامنا النفسي، فهلا ازددنا يقينا بربنا وديننا وبحضارتنا؟، وهلا ابتعثناها إلى واقعنا مشعلا يضيء لنا بنور الإله ونور العقل العربي المسلم المبدع الذي أنشأ حضارة كانت هي الوقود العملي الذي استخدم في بعث الحضارة الغربية.
 هكذا فعلوا وهكذا لم نفعل، عمدوا إلى ما لدينا من علم لينشئوا حضارتهم وأدواتها وعمدوا إلى تراثهم الفكري والفلسفي الديني فأحيوه.. بينما نحن .. عمدنا إلى تراثهم الفكري والفلسفي وأحيانا الديني فابتلينا أنفسنا به وظللنا عيال عليهم في علومهم، فلا نحن استطعنا أن نكون أنفسنا بإحياء حضارتنا العظيمة ولا استطعنا أن نكون غيرنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق