الاثنين، 8 يوليو 2013

على حافة الامتزاج



على حافة الامتزاج.. وكي أمتزج ينبغي أولا أن أتفكك وأنهار.. وبين ذاتي التي تقاوم لأتماسك ولوازم ألزمتها بها فتدفعني إلى التحطم هناك معركة أقاتل فيها نفسي لأكون منهزما في ثوب منتصر.. ففي الامتزاج سأحمل المسمى نفسه لكنني لن أحمل الذات نفسها..
ولك أن تسألني يا صديقي لماذا تمتزج؟ ولم لن تذوب؟.. لقد تيبست يا صديقي بفعل الزمن.. ثلاثون عاما كلها زادتني كثافة وكلها جعلتني متوحدا في ذاتي مستوحشا غيري.. ثلاثون عاما تصلبت أجزائي فلم تعقد قابلة للذوبان حتى وإن تحطمت حتى وإن سحقت وطحنت ستظل تمتزج متصنعة الكبرياء والقوة وكأن تلك البقايا المسكينة التي تعكر المزيج تعلن رفضها لما هي فيه وكأنها تصيح أنا لازلت هنا وسأظل.
قد تتبخر المعضلات من حولي لكنني لن أتبخر وسأجدني ولو بعد حين.. سأكون عندها مشوهًا على غير ما اعتدتُ لكنني على كل حال سأكون.. فهذا شأننا في هذه الحياة.. لا يبقى فينا أحد على حاله أبدا بل تُصَرِّفنا الأقدار والحوادث فتغير فينا شيئا فشيئا حتى نصبح ذات يوم لننظر في أنفسنا فنجد أن ما لا نعرفه فينا أكثر بكثير مما نعرفه.

السبت، 6 يوليو 2013

تأمل في "سيكلوجية الجماهير"



لكي تتمكن من التحكم في الجماهير ينبغي أن تضعهم تحت وطأة الضغط النفسي لفكرة ما حتى تدفعهم لتسليم زمامهم لك ليقينهم أن الأزمة والوقت لا يحتملان إطالة التفكير والتمحيص والعقلانية، وبمجرد اجتذابه إلى ساحة المواجهة فإن كل شائعة وكلمة صغيرة وكل دعوة لفعل غير عقلاني ستغدو من المسلّمات من منطلق الضرورة التي تقتضيها الأهداف الكبر التي قد لا تكون ذات صلة مباشرة بالحدث على الأرض.
والفرد بين الجماهير يكون منساقا بها، وبينما هو معها يعجز عن رؤية الصورة واضحة فكما يحدث في المظاهرات يزعم البعض أن هناك من تعدى عليهم ثم يزعمون أنه تابع لجهة كذا فتثور الجماهير غير مستقصية لحقيقة الأمر لأن استقصاء الحقائق في هذه الأوقات يكاد يكون مستحيلا فيعتمد الإنسان في قراره على العاطفة وحدها مشفوعة بالخلفية الفكرية التي حُشدت على أساسها هذه الجماهير، كما أن التوافق الجماعي في الرؤية المبني على العاطفة والمنافي للعقلانية يغدو عقلانيا عند الجمهور بحكم أن الفرد منهم في نفسه يستنكر أن يكون إجماع هذه الجماهير على أمر خاطئ، فيكون الفرد في حالته تلك الباعث والمتلقي لمزاعمه.

الجمعة، 5 يوليو 2013

دوامة



تقترب منك إحداهن أو تقترب منها.. يأسرك ما يبدو من رجاحة عقلها.. تستشعر مبدأك العليل.. "يكفيني هذا الحد من المعــرفة لأن بقاءها على هذا الحال خير من أن نتقارب أكثر ثم ينهار كل شيء".. هو احتمال وليس نية مبيتة ولكن الاحتمالات غير مجدية ولا يمكن الاعتماد عليها فيما يخص الشعــور فما بالك بما يختلط فيه شعوران.. لا يمكنك المجازفة حينها.. ولأن الصداقة قد تتحول إلى الحب لكن الحب لا يمكن أن يتحول إلى صداقة وفقط.. منطق جبان نعم قد يكون لكنه أسلم كثيرا لها ولي.. لأن أكثر ما يشغلني هو الإنسان.. وكل ما دون ذلك يجذبني كذلك.. تحتالُ وتُلِح وتُشجعني على الاقتراب وأنا على حذر أقترب.. يــزداد تأكيدي على مبدأي وتنبيهي.. أيمانٌ مغلظة ألا يؤثر ما قد يحدث -مهما كان- على أصل العلاقة وألا يخسر أحدنا الآخر.. ثم يكون كل شيء كما توقعته  وكما رأيته في خيالي.. قلّما سلَمت واحدة إلا ثنتين أو ثلاث أثبتن أن عقولهن راجحة بعيدا عمّا قد يكتنفني من ألم وعاطفة.. فإنهن الأفضل.. ولكنني عزمت على الاكتفاء والخروج من تلك الدوامة.. سأحتفظ بنفسي. لنفسي فقط.

الخميس، 4 يوليو 2013

محال



مُستلقٍ عَلى أَريكَتي.. أَستَمِعُ إِلى رِحلَةِ الأرواح.. يَجَول بِخاطري طَيفٌ مِنَ الدَّمع.. تُرى كَيفَ أَنتُم إِذا خَفَتَ وَهَجي وانتَظَرتُم مِنّى شَيئا اعتَدتُموهُ فَلم تَجِدوه.. لا شيء.. سَتمضي بِكُمُ الحياةُ وَتَمضونَ بِها.. شُعورٌ بِالوَحدَةِ الأَبَدِيّةِ يَكتَنِفُ هَذا الدَّفينَ بِداخلي وَقرينُهُ مُبتَهِجٌ زَيفا وَأَملا.. ما عادَ اقتِناصُ اللَحظاتِ كافيًا لِشَحذِ الذّاتِ في إثر الغَد.. فلَعَلَّ انتِزاعَ الرُّوحِ يُطلِقُني أَو يُطلِقُها.. فَذا وَجَعٌ هَشَّمَ النَّفسَ وَأَخجَلَ الآه.. كَيفَ الخلاصُ وَشقائي أنا؟!.. مُحال.

الأربعاء، 3 يوليو 2013

أنا وأنا


ماذا أكتب؟!.. كانت لماذا أكتب؟، أما اليوم فماذا أكتب؟.. أمسكت قلمي -مجازا- وأنا أشعر بغصة في نفسي أريد أن أكتب عنها لعلني أستريح لكنني أقف فيها عاجز، وماذا أقول وبعضي ينتفض على بعضي وشقّي ينقلب عليّ!!.، أنا في داخلي كهذا الوطن يحكمني النزاع فكل أجزائي مخطئة ولا سبيل للاستقرار حتى أنتصر لنفسي من نفسي وهيهات.
وعندما انسحبتُ من مواجهتي أبديت أسفا وتوددا رغم أن شقّي ذاك كان يصر على أن هذا مما يعيبني وأوصاني بألا أتمسك بأحد.. ولكنه شقّي فكيف أتنازل عنه، حتى ولو كنت على يقين من خسارته فإنني سأسعى إلى العكس.
نعم أنا مُنطلق.. نعم اجتماعي.. نعم أعرف الكثيرين.. لكنني لا أعرف نفسي.. أنا منعزل في خارجي عن داخلي، وها قد ازداد انعزالي بفقدي "ذاك" الأنا.. لست أدري كيف ينبغي أن أتعامل!، فلقد كان انبعاث الألم لانفصام الذات عنها كفيل بمحوها.
ولقد صرت بهذا على غير يقين من كل شيء ومن كل أحد فليس لفاقد الشيء في نفسه أن يعطيه لغيره، فلست بصديق أحد ولا رفيق أحد ولا أحب أحد وربما مقتضى هذا كله أنني لا أعرف أحد، إنما أنتم أشباح تمر وسراب بقيعة، إنما أنتم ظنون أظنها وهياكل أزورها، إنما أنتم حوادث تحدث ومشاعر تمارس بحكم العادة وبحكم انصياعكم للممكن، إنما أنتم كيفما أراكم لا كيفما تكونوا، فتبا لي.. ولكم.

الثلاثاء، 2 يوليو 2013

حضارتنا




إلى أولئك المفتونين بالحضارة الغربية وبالمستر والمسيو والذين يظنون أن بناء حضارتنا لن ينفك عن حضارتهم وأنه ينبغي علينا أن نمشي وراءهم حذو القذة بالقذة، إلى وأولئك أقول أن حضارات متنوعة قامت واندثرت قبل تلك الحضارة بقرون كثيرة وقبل حتى أن تقوم أصول هذه الحضارة، وأن حضارتنا الإسلامية لم تندثر بعد وحاشاها، وإنما هي في سبات ستفيق منه بسواعد وعقول أبنائها بإذن الله فدورات الحضارة مشهودة معروفة، وقد أثبت لنا التاريخ أن دوام الحال من المحال وأثبت لنا العقل أنه لا يمكن لشخص يعيش حضارة بعينها أن يحكم فيها حكما صحيحا باتا ولا أن يزعم كم ستبقى ولا أن يعرف المدى الذي ستصل إليه من نجاح أو فشل.

 فكان الأولى بنا نحن أبناء الحضارة الإسلامية أن نشتغل بإحياء حضارتنا ونحن على يقين بأن مقوماتها لا تزال حية وقادرة على الانطلاق إذا أصبحنا في أنفسنا أهلا للصدارة، وما أوهى عزيمة البعض ممن فتنوا بالحضارة الغربية والتي هي وليدة الحضارات القديمة من يونانية وغيرها وكأن أبناء الغرب أقدر من أبناء الشرق على استدعاء مقومات الحضارة التي دفنتها القرون الغابرة وإنشاء حضارة جديدة قوية مسيطرة، وعجز هؤلاء المفتونين حتى عن تصور إمكانية قيامهم بهذا، وما ذاك إلا نتيجة للاستعمار الفكري الذي غرس في أهل الشرق أنهم أقل شأنا من أهل الغرب وجعلت من الرجل الأوروبي المثقف العالم المتمدن الذي يقود الرجل الشرقي إلى النور بينما هو في الحقيقة يلقيه على مشارف حضارته يستضيء بنورها متسولا ما يلقيه إليه الأوروبي.

 وشتان بين من يريدك وراءه تستضيء بما يخلّفُهُ لك لتظل تحت رحمته وإمرته، وبين من يعطيك مشعلا أو يعلمك كيف تصنعه، وتلك هي حضارتنا العربية الإسلامية الراقدة تحت غطاء من جهلنا وانهزامنا النفسي، فهلا ازددنا يقينا بربنا وديننا وبحضارتنا؟، وهلا ابتعثناها إلى واقعنا مشعلا يضيء لنا بنور الإله ونور العقل العربي المسلم المبدع الذي أنشأ حضارة كانت هي الوقود العملي الذي استخدم في بعث الحضارة الغربية.
 هكذا فعلوا وهكذا لم نفعل، عمدوا إلى ما لدينا من علم لينشئوا حضارتهم وأدواتها وعمدوا إلى تراثهم الفكري والفلسفي الديني فأحيوه.. بينما نحن .. عمدنا إلى تراثهم الفكري والفلسفي وأحيانا الديني فابتلينا أنفسنا به وظللنا عيال عليهم في علومهم، فلا نحن استطعنا أن نكون أنفسنا بإحياء حضارتنا العظيمة ولا استطعنا أن نكون غيرنا.

الاثنين، 1 يوليو 2013

لماذا أكتب؟


أو بالأحرى لماذا نكتب؟.. هذا السؤال الذي نسأله لأنفسنا كثيرا لكننا لا نجد  له جوابا واضحا بل أجوبة متعددة تتغير بتغير الحال.. ولست أزعم أنني سأصل بكم إلى حقيقة واحدة ثابتة لكنني سأكتب ما يتيسر لي في هذا الشأن بغير ترتيب أو تحضير مسبق.. فقط لكي أكتب.
إذن، لماذا أكتب؟.. ليس هذا سؤال في عمومه كالعنوان بل سؤال خاص بحالتي الآن.. لماذا أكتب ما أكتبه الآن.. دعني أرى أولا من حيث مبدأ الكتابة فأنا أكتب بالدرجة الأولى لأنني قررت الاشتراك في هذه الحوليات مع زملائي والتي تقتضي أن أكتب كل يوم شيء ولمدة عام.. ولماذا إذن قررت الاشتراك في الحوليات؟.. قررت الاشتراك لأن لدي ملكة الكتابة غير أنني أهملتها فأريد تطويعها وتحسينها والتقدم فيها.. ولكن لماذا تريد هذا؟.. أريد هذا ليتسنى لي أن أكتب.. ولكن لماذا تكتب؟.. وهنا أكون قد وصلت من هذا السؤال المتعلق بحالي إلى السؤال ذاته عنوان المقال المتعلق بالكتابة في ذاتها.
بشكل عام فإن الكاتب يمثل ما يمكن أن نسميه محور المعالجة الفكرية والكتابة تمثل ما يمكن أن نسميه محور العرض الفكري، حيث يستقي الكاتب خبراته الحياتية سواء من تعامله مع الناس أو ما يتعرض له من مواقف أو ما يقرأه أو يسمعه أو يشاهده ثم يعالجه بناءا على منهجه الفكري وما سبق وأن اختزن لديه من مقاييس اكتسبها أو اصطنعها لنفسه عن طريق المكتسبات ثم يطرح نتيجة هذه المعالجة عن طريق الكتابة.. ففي هذا كله يكون الكاتب إنما يكتب لأجل غيره أيا كان الغرض الذي وراء هذه الفائدة سواء كان غرضا تنويريا أو كان غرضه فرض رؤية واحدة أو إخضاع أو تضليل غيره.. المهم أنه في النهاية يكتب لغيره وينبثق من هذا تلك الأغراض الفرعية.. هذا كله فيما يخص الكتابة الفكرية بشتى أنواعها وأغراضها، سياسية، دينية، فلسفية، اجتماعية، اقتصادية.. لن يخالفنا في هذا الرأي أحد فيما أزعم.
أما فيما يخص الكتابة الإبداعية أو لأكون أكثر تحديدا سأقول الكتابة الأدبية -لأن الإبداع غير محصور في الأدب ولكن الأدب لابد أن كون إبداعا-  فإننا سنجد ما يتشابه في غرضه مع الكتابة الفكرية حيث يكون موجها للغير بقصد ما يشابه الكتبة الفكرية تماما غير أنه اتخذ قالبا أدبيا وإبداعا مؤثرا لينغمس بالفكرة في الشعور أكثر مما ينغمس في العقل وهذا النوع لا يشتمل فقط على الأغراض التي ذكرناها في الكتابة الفكرية ولكنه يتعداها إلى أغراض قد تكون عاطفية.
بينما سنجد في ذات الوقت كتابة يمكن أن نسميها ذاتية وهي تلك الكتابة التي تعبر عن ذات الكاتب والتي قد تكون عبارة عن جوار مع النفس أو تعبير عن شعور محض لا فكر فيه، وهذه الكتابة يزعم أكثر أصحابها أنهم إنما يكتبون لأنفسهم.. لكن الواقع أن الكتابة نوع من التعبير غير مختص بالنفس يمكنك أن تتحدث إلى نفسك بغير صوت وأحيانا قليلا بصوت -وهذا يستغرب كثيرا- أما أن تكتب لنفسك وفقط فهذا عجيب، لأن الكاتب لنفسه لن يحتاج بل لن يرغب في أن يقرأ أحد ما يكتبه لأنه وبمجرد أن يعرض كلامه على غيره فهو ينتظر استحسان أو استكراه أو أيا ما كان ينتظر وكونه ينتظر شيئا يجعل فرضية أن يكون قد كتب الكلام لنفسه فرضيه عبثية.
أذكر أنني كنت أحيانا أسافر إلى الإسكندرية لأجلس أمام البحر أحدثه أو أكتب ما أشعر به ثم ألقي بالورقة في البحر.. هذا ما يمكن أن يسمى كتابة للنفس.. لكن أي كتابة نشرت أو عرضت على أحدهم أو احتواها كتاب هي كتابة للغير أيا كان الغرض الفعلي وراء عرضها للغير.. ذكرني هذا بكلام ارتجلته بالعامية أقول فيه..
"ومش بكتب عشان الناس
أنا بكتب عشان نفسي
لكن نفسي عشان الناس
فانا بكتب عشان الناس"
ولأجل هذا أكتب.. لأن ثمة ما أراه صوابا وثمة ما تحصلت عليه وثمة ما اكتشفته في ثنايا كتاب وثمة ما أوحى إلي به مشهد في فيلم وثمة ما استثارني في نقاش مع صديق أو حتى مع خصم وثمة ما أشعر به وأريد أن يشاركني فيه غيري وثمة ما أشعر به وأدرك أن غيري شعر به لكنه عاجز عن التعبير فكأنني عبرت عنه.. لهذا ولغير هذا كثير.. أكتب.